الصفحة الرئيسية

الخميس، 14 أكتوبر 2010

مسلموا القرم و عواصف الخلاف



مع كل فرحة عيد ومناسبة سارة يستقبلها مسلموا أكرانيا وخاصة منهم مسلمي القرم , الا وتنغصها الخلافات المذهبية والفقهية بين أبناء الأمة الواحدة والدين الواحد .
خلافات زادت حدة في العامين الاخيرين وأصبحت تدعوا الى تساؤلات كبيرة حول من يقف وراءها وفي صالح من تعود كل هذه الأمور .

من المعلوم أن أكبر نسبة للمسلمين في أكرانيا تتواجد في شبه جزيرة القرم الواقعة جنوب البلاد, أين التواجد المكثف لتتار القرم الذين اعتنقوا الاسلام في القرن الثالث عشر.
ورغم النسبة القليلة منهم والذين يعتبرون ملتزمين بتعاليم الاسلام والتي يقدرها البعض منهم بعشرة بالمائة بسبب ما خلفته الحقبة السوفياتية التي حاربت الدين بأقصى الطرق .الا ان هذه النسبة القليلة جدا ممن يعتبرون من المحافظين تاهت في معمعة من الخلافات التي صارت تنغص على بعض الشباب من مسلمي القرم حياتهم , حتى وصل الامر بالبعض منهم الى هجر المساجد التي يتواجد بها هذا الصنف من الملتزمين .

المذهب السني هو المذهب السائد بين تتار القرم ولكن بين ابناء المذهب الواحد  وفي أوساطه وصلت الخلافات بين الجماعات الى حد تقسيم المساجد بينها , وأصبحت المساجد تعرف بمسجد جماعة كذا ومسجد جماعة كذا , وما يزيد السوء سوءا أن جماعة تحرم الصلاة في المسجد الفلاني وأخرى تفسق وتبدع الامام الفلاني وغيرها من الكوارث التي اصبحت في اوساط هؤلاء كقرآن يتلى .

مفتي القرم والذي يلقى معارضة شديدة من كثير من الجماعات بسبب ما يتهمونه بتسييس الدين والافتاء على هوا السياسيين , ويعيبون وجود مكتبه ضمن مكاتب"مجلس تتار القرم" الممثل السياسي والمدافع عن حقوق تتار القرم هو الآخر يهاجم هذه الجماعات متهما اياها بقصر النظر والاصطياد في المياه العكرة .



أكثر الجماعات جرأة على معارضة مفتي القرم هي جماعة"حزب التحرير" والمتواجدة بقوة في شبه الجزيرة بسيطرتها على العديد من المساجد وامتلاكها جريدة شهرية تسمى "فازراجدينيا" .


الجماعة السلفية أو الوهابية كما يحلوا لبعض تسميتها, هي الاخرى اصبحت في نمو مستمر تسيطر على العديد من المساجد, خاصة في مدينة سيمفيروبل عاصمة شبه جزيرة القرم ومدينة جانكوي , تتلقى فتاويها من شيوخ وعلماء العربية السعودية وترفض رفضا قاطعا ما يخالفها من الفتاوي , تحرم السياسة وتعتبر اللغة الروسية افضل لتوصيل فكرتها باعتبارها لغة اوسع انتشارا في القرم , وهو ما يعيبه عليها الكثير من التتار المتعلقين بلغتهم وهويتهم .
الحبشية والتابعة اصلا لأحمد تميم الذي يطلق على نفسه مفتي اكرانيا , هي الاخرى تصارع على الزعامة الدينية في القرم باقدمية تواجدها على مستوى التراب الاكراني .
جماعة اخرى متواجدة هي الاخرى بمنابعها التركية , وهي الجماعة الصوفية , والتي تنتشر بين التتار خاصة كبار السن وتتوزع في عديد من المناطق.
قد يكون اتحاد المنظمات الاجتماعية"الرائد" والذي يجمع في طياته الوسطية والاعتدال من قلائل المنظمات التي تحاول عدم حشر أنفها في المعمعة , رغم أنه يتلقى مهاجمة من بعض الجماعات لخلفيات فكرية . 
الخلافات التي تحدث بين مختلف الجماعات تظهر جليا وبشكل بائن في المناسبات والأعياد التي كان آخرها شهر رمضان وعيد الفطر أين انقسم المسلمون على أنفسهم في تحديد عيد الفطر وفي اتباع هذا اوذاك , حيث أقيمت صلاة العيد في يومين, لكل جماعة يومها وبين المسجدين بضع عشرات الامتار .
في كل مرة تشتد فيها حمى التصارع على الزعامة الدينية في شبه جزيرة القرم ينتابني قرف فكري مما عفت سماعه في بلداننا العربية , الذي يبدو انه انتقل الى هنا بأيدي عربية التي نقلت تلك الخلافات والسجالات التي تدور رحاها بين ابناء يعرب.
والسؤال الذي ينتابني دوما حول هذه الجماعات : أين هو دورها في أوساط التسعين بالمائة من تتار القرم الذين يعيشون عيشة غربية خالصة , ولا يعرفون من الاسلام الا اسمه ومن القرآن الا رسمه ؟؟
أين دور هذه الجماعات في أوساط السكان المحليين من روس وأكران وأرمن وغيرهم من القوميات المتعددة التي تقطن القرم ؟؟
أم أنها ترى مسؤولياتها أعظم من دعوة غير المسلمين للاسلام .

للأسف الأمر أصبح مفضوح وبائنا للجميع , حتى لغير المسلمين من سكان القرم , وبدأت تستغله أطراف غير مسلمة لخدمة مصالحها وصب زيت الفتن على نار الخلافات بين مسلمي القرم , خاصة من اليهود الصهاينة الذين يحسنون اللعب على هذا الوتر كما هو معروف .
من خلال الواقع الذي تعيشه بلاد القرم لا يبدو هناك في الأفق أي انفراج لهذه الخلافات , على الأقل في الفترة القليلة القادمة , خاصة ان هذه الجماعات تواصل باحكام تربية نشء جديد لمعركة ضد جماعة أخرى .
من المؤسف أن تجد شابا اعتنق الاسلام منذ شهور يتطاول على علماء المسلمين , وشابا آخر يتيه في كومة هذه الخلافات ويتساءل سؤال الحائر الذي اتاه الطريق , اين هو الاسلام الذي اعتنقته والذي جاء به رسولنا محمد صل الله عليه وسلم . 

لا أشك يوما في أن محمد بن عبد الوهاب او الامام الشهيد حسن البنا أوغيرهم من علماء المسلمين الذين كان لهم دور في تأسيس هذه الجماعات , كانت لهم بضع نية في تفريق أو تفسيق المسلمين , ولكن يبدو ان الكثير من تلامذة هؤلاء مالوا عن الطريق وافسدو المنهج ...
الاكيد ان مسلمي القرم اصبحوا متفرقين ومتشرذمين الى فرق وجماعات , الواحدة تهاجم الأخرى بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة, وفي الجانب الآخر تحديات كبيرة في هذه المرحلة أمام تتار القرم لاثبات وجودهم ,خاصة مع اعتلاء الموالين لروسيا سدة الحكم في البلاد وهم يدركون جيدا معنى ذلك .فهل ستقوم هذه الجماعات بنبذ خلفاتها لصالح الأمة ام أنها ستواصل نهجها المعروف ؟؟؟





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق