الصفحة الرئيسية

الجمعة، 19 نوفمبر 2010

أوراق من دفتر الغربة


تبقى تجربة الهجرة تجربة مميزة على الصعيد الفردي,حيث تجمع بين ثناياها بين الجرأة والمغامرة والتحدي والمعاناة , وتجمع في طياتها كثير من حكايات التيه واللاعودة , وفي ذاكرة كل مهاجر قصة من هذه او تلك عن هذا او ذاك .

في مفكرة غربتي كثيرة هي الصفحات المملوؤة بحكايات لأناس عايشتهم او التقيتهم او قصصهم اصبحت متداولة لدى كثير من المغتربين .
نجد قصص لوجوه نجح اصحابها الى حد ما بالجهد والحرمان ومواصلة الليل بالنهار لشق الطريق نحوهدف عرفوه ورسموه وآمنوا بالوصول اليه .
وقصص لأناس اغتنى اصحابها بالمثابرة والقدرة على اصطياد الفرص , ومنهم فئة نجحو ان كانوا نجحوا فعلا بالنصب والاحتيال والكذب والمتاجرة بكل شيء .
وهناك وجوه اخرى اشرقت بالعلم وارتفعت به , اما السواد الاعظم من هذه الوجوه هي وجوه اولئك الذين قهرتهم الغربة والهجرة ولم تسعفهم للاغتناء وتحقيق ما يريدون وعوض ان تجري في حساباتهم المصرفية مالا كثيرا اجرت دمعا غزيرا على وجوههم الحزينة بعدما نسوا الفرح منذ زمان .
ومنهم من ضاعوا في متاهات هذه البلاد المادية , في شهواتها ولذاتها ومن هؤلاء من افاقته برودة الثلج الصامت ومنهم من يواصل الهروب الى الامام متناسيا حاله .
وفي كل قصة من هذه القصص آلام دفينة لقهر لا يحسن معرفته الا من ذاق مرارة الاغتراب .
وهنا في اكرانيا ما اكثر الذين التقيتهم من اولئك الذين ندموا على خطوة المجيء الى هذه البلاد ومع ذلك لم يتجرؤوا على العودة الى الديار لأن الزمن لا يعود للوراء ولأن المساحة التي تركوها شغلها سواهم ولان الفاقة والفشل والضياع كما يقول احدهم في بلاد الغربة اهون منه في بلده وبين اهله وشعار يردده دائما على مسمعي _'الجوع ولا الرجوع' .
وما اقساها قصص اولئك الطلبة الذين درسوا سنوات بكل كد وجهد اما في بلدانهم او هنا في هذه البلاد ومن ثم يجدون انفسهم في طريق مسدود مجبرين على تجاهل ما لديهم من شهادات وخبرات والقبول باعمال شاقة بالكاد تسد فواتير المعيشة الباهضة التكاليف في هذه البلاد .
الكثير الكثير من الاسئلة التي تحملها صفحات مذكرتي في هذه البلاد تمتزج فيها الحيرة بالقلق ويعشش فيها حزن دفين , ولكن دائما يبقى الامل وتهفو الروح الى حلم اجده قريبا ويرنو البصر نحو افق نهايته قريبة ...
وفي معظم الاحوال والظروف يؤمن الكثيرون بان الهدف الذي وضعوه والحلم الذي يصبون اليه يستحق الخطى على دروب الاشواك وعورة الطرقات .
وكل املنا عند نهاية كل حلم ان لا تكون الخسارة خسارتين ,خسارة البلاد لابنائها وخسارة الابناء لبلادهم في ليالي الغربة الباردة .

هناك تعليقان (2):

  1. جميل أخي أتمنى أن تصبروا وتصابروا فأول خطوة عند الهجرة هي أن تنسى أنك إبن بلدك حتى تجد نفسك قد حققت ما >هبت لأجله , رغم أني لم أجرب الخروج من بلادنا العزيزة إلا أنني اعلم شعور من يجد نفسه وحيدا بعاداته وتقاليده ولسانه ودينه لكن صبرا آل غربة فإن موعدكم الرجوع إن شاء الله :)

    ردحذف
  2. شكر لك سعد, اتشرف بتعليقك .
    فعلا هو التناسي او النسيان الذين يجعلاني المغترب يتيه بعيدا عن ما ذهب لاجله .
    دعائك لنا بالثبات ان شاء الله .

    ردحذف